نمرّ جميعنا بأوقات صعبة تتعبنا وتُدخل إلى قلوبنا الحزن، وفي هذه الحالة لا نجد أيّ ملجأ نرجوه ونتقرّب منه غير الله تعالى، وذلك عن طريق الدّعاء له، والصّلاة، وتلاوة بعض آيات القرآن الكريم، أو قراءة بعض أحاديث رسولنا الكريم محمّد – صلّى الله عليه وسلّم – وسنذكر هنا بعض الآيات والأدعية التي تُقال لتيسير الأمور.
آيات لتيسير الأمور
إنّ قراءة القرآن من أعظم القربات التي يتقرّب بها المسلم من الله تعالى، ويتوسّل بها إليه ليقضي له حاجاته ويفرّج عنه كرباته، أمّا قراءة آيات معيّنة بأعداد معيّنة فإنّ ذلك لم يرد عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم، ولا يوجد في في القرآن الكريم آيات معروفات باسم آيات تيسير الأمور أو الإجابة، لكن يجوز أن يقرأ المسلم ما شاء من القرآن الكريم، ويدعو الله تعالى بما شاء، من غير أن يجعل في ذلك تحديداً لآيات أو أعداد ما. ومن المستحّب التّوسل إلى الله تعالى بالقربات بعد الدّعاء، ففي الترمذي وغيره، أنّ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – دخل المسجد، فإذا رجل يصلّي، يدعو يقول: اللهم إني أسألُك بأنّي أشهدُ أنك أنت اللهُ لا إلَه إلا أنتَ، الأحدُ الصمدُ الذي لم يلدْ ولم يولدْ، ولم يكن له كُفُوًا أحدٌ. قال: فقال: والذي نفسي بيدِه، لقد سألَ اللهُ باسمِه الأعظمِ، الذي إذا دُعيَ به أجابَ، وإذا سُئِلَ به أعطى .
وقال ابن القيّم في الصّواعق المرسلة: وكان اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين آية الكرسي وفاتحة آل عمران . وفي الترمذي عن أسماء بنت يزيد عنه صلى الله عليه وسلم: اسمُ اللهِ الأعظَمُ في هاتَينِ الآيتَينِ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وفاتحةُ آلِ عِمرانَ الم اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ .
إنّ قراءة القرآن الكريم من أعظم القربات إلى الله تعالى، لكن لم يرد شيء من هدي النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – يحدّد عدد السّور التي يجب علينا قراءتها أو عددها، وبالتالي يمكن للمسلم قراءة ما شاء من القرآن ثمّ دعاء الله تعالى بما يحبّ. 1
أدعية لتيسير الأمور
هناك العديد من الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو الله بها لييسّر له أمره، ويفرّج عنه كربه، ومنها:
الإكثار من الاستغفار، والصّلاة والسّلام على رسول الله، والدّعاء بالاسم الأعظم، ودعاء الكرب، ودعوة يونس عليه السّلام؛ لقوله تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ، نوح/10-12، وقوله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ، البقرة/186.
أخرج الإمام أحمد، والتّرمذي، وغيرهما، أنّ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – قال: دعوة ذي النّون إذ هو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت، سبحانك إنّي كنت من الظالمين، فإنّه لم يدع بها مسلم ربّه في شيء قطّ إلا استجاب له .
عن أبيّ بن كعب، قلت: يا رسول الله، إنّي أكثر من الصّلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الرّبع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النّصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثّلثين؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذن تُكفى همّك، ويغفر لك ذنبك ، رواه التّرمذي والحاكم في المستدرك.
روى أحمد وغيره عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما أصاب أحدٌ قطّ همّ ولا حزن، فقال: اللهم إنّي عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سمّيت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همّي، إلا أذهب الله همّه وحزنه، وأبدله مكانه فرجاً، قال: فقيل: يا رسول، ألا نتعلّمها؟ فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلّمها .
أخرج أحمد وأبو داود عن نفيع بن الحارث أنّ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – قال: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت .
أخرج البخاريّ ومسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – يدعو عند الكرب يقول: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السّموات والأرض، وربّ العرش العظيم .
أخرج مسلم أنّه – صلّى الله عليه وسلّم – كان يدعو عند النّوم: اللهم ربّ السّماوات السّبع، وربّ العرش العظيم، ربّنا وربّ كل شيء، فالق الحبّ والنّوى، ومنزل التّوراة، والإنجيل، والفرقان، أعوذ بك من شرّ كلّ شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأوّل فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظّاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عنّا الدّين، وأغننا من الفقر .
عن أنس قال: قال رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – لمعاذ: ألا أعلّمك دعاءً تدعو به، لو كان عليك مثل جبل أحدٍ ديناً لأدّاه الله عنك، قل يا معاذ: اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، بيدك الخير إنّك على كلّ شيء قدير، رحمن الدّنيا والآخرة ورحيمهما، تعطيهما من تشاء، وتمنع منهما من تشاء، ارحمني رحمةً تغنيني بها عن رحمة من سواك ، رواه الطّبراني في الصّغير بإسناد جيّد، وحسّنه الألباني.
اللهمّ يا مسهّل الشّديد، ويا مليّن الحديد، ويا منجز الوعيد، ويا من هو كلّ يومٍ في أمرٍ جديد، أخرجني من حلق الضّيق الى أوسع الطّريق، بك أدفع ما لا أطيق، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم، ربّ لا تحجب دعوتي، ولا تردّ مسألتي، ولا تدعني بحسرتي، ولا تكلني إلى حولي وقوّتي، وارحم عجزي فقد ضاق صدري، وتاه فكري وتحيّرت في أمري، وأنت العالم سبحانك بسرّي وجهري، المالك لنفعي وضرّي، القادر على تفريج كربي وتيسير عسري.
اللهمّ لا تردّنا خائبين، وآتنا أفضل ما يُؤتى عبادك الصّالحين، اللهمّ ولا تصرفنا عن بحر جودك خاسرين، ولا ضالّين، ولا مضلّين، واغفر لنا إلى يوم الدّين، برحمتك يا أرحم الرّاحمين.* اللهمّ ثبّتني عند سؤال الملكين، اللهمّ اجعل قبري روضةً من رياض الجنّة ولا تجعله حفرةً من حفر النّار، اللهمّ إنّي أعوذ بك من فتن الدّنيا.
في صحيح البخاريّ من حديث أنس بن مالك يقول: كنت أخدم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كلّما نزل، فكنت أسمعه يكثر من قول: اللهم إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدّين، وغلبة الرّجال .
شروط إجابة الدعاء
لإجابة الدّعاء عدّة شروط يجب أن يقوم بها المسلم، وهي: 2
أن يدعو الله وحده لا شريك، بقلب صادق ومخلص، لأنّ الدعاء عبادة لله تعالى، قال تعالى : وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ، غافر/ 60، وورد في الحديث القدسيّ: من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه ، رواه مسلم.
ألا يدعو المسلم دعاءً فيه إثم أو قطيعة رحم، وذلك لما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدّعاء .
أن يدعو الله تعالى بقلب حاضر، وأن يكون موقناً من الإجابة، لما رواه الترمذي، والحاكم، وحسّنه الألباني، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنّ الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه .
صلاة الحاجة
ورد في سنن الترمذي وابن ماجه وغيرهما من حديث عبد الله بن أبي أوفى، أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال: من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم، فليتوضأ فليحسن الوضوء، ثمّ ليصلّ ركعتين، ثمّ ليثن على الله، وليصلّ على النّبي صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله ربّ العرش العظيم، الحمد لله ربّ العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كلّ برّ، والسّلامة من كلّ إثم، لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا همّاً إلا فرّجته، ولا حاجةً هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ، وزاد ابن ماجه في روايته: ثمّ يسأل الله من أمر الدّنيا والآخرة ما شاء، فإنّه يقدر . فهذه الصّلاة بهذه الصّورة سمّاها أهل العلم صلاة الحاجة. 3
المراجع
1 بتصرّف عن فتوى رقم 62517/ قراءة السور بعدد معين لغرض مخصوص/ مركز الفتوى/ اسلام ويب/ islamweb.net
2 بتصرّف عن فتوى رقم 71758/ شروط الدعاء وأسباب الإجابة وموانعها/ مركز الفتوى/ اسلام ويب/ islamweb.net
3 فتوى رقم 1390/ صلاة الحاجة ركعتان غير الفريضة مع الدعاء/ مركز الفتوى/ اسلام ويب/ islamweb.net