admin
من المستحيل أن تخلو أيّة حضارة أو أي شعب من الفنون الخاصة بها أو به ، وربما تختلف أشكالها في مجتمع ما عن الآخر ،ولكنّها تندرج جميعها تحت سمة مشتركة تجمعها جميعا ألا وهي الإنتاج المبدع المبتكر الجميل .
والفن هو مجموعة الإبداع والإبتكار البشري المحكم في مجالات عديدة متنوّعة منها الموسيقى والغناء والرقص والرسم والتحت والبناء والتصميم والشعر والتمثيل ، وغيرها من التسميات والتقسيمات والتي تزيد مع الأيّام بازدياد المعرفة البشرية وتنوعها وثرائها عبر التاريخ .
وربّما لا توجد مقاييس ثابتة أو قوالب جاهزة أبديّة تتحكّم في الحكم على أشكال الفنون المتنوعة ، بحيث يصعب بمقتضى الحال تمييز ما هو يندرج تحت مسمى فن من عدمه ، ولكن توجد هناك بعض الأحكام المتفق عليها للتمييز ما بين الغث منها والسمين ، ومنها الدقة في التنسيق والتناغم الوثيق ما بين جزئيات العناصر التي يتكون منها فن ما ، فعلى سبيل المثال فان بناء الأهرامات يحمل في طياته فنا متميزا في البناء ، لما يحمله من دقّة وتناغم في تنسيق الحجارة لتتخذ شكلها الهرمي الجميل الفريد ، وكذلك الأمر نجده في تأليف قطعة موسيقية كسيمفونية بحيرة البجع مثلا ، والتي تتناسق وتتناغم الجمل الموسيقية فيها لتنتج في المحصلة قطعة موسيقية راقية تعشقها الرّوح ، وينطبق الأمر ذاته على التنسيق والتناغم في الكلمات عند تأليف الشعر والنثر، فكلّما زاد هذا التناسق والتناغم في الألفاظ والمعاني كلما زادت القيمة الفنية لهذا العمل ، وعندما نشاهد راقصة بالية تعكس بحركات الجسد المتناغمة المتقنة انسجاما في حركات الجسد تكاد تنطق فان هذا النطق بغير حروف يسمى فناً أيضاً ، وينطبق ما سبق من عناصر على تناغم الألوان واتساق خطوط الرسام في لوحة عظيمة ، ونلمحه كذلك في نحت يكاد يتحرك من شدة إتقان ناحته ، ومن المسميات التي تندرج تحت مسمى الفن ، فن الخطابة وفن قيادة الجماهير .
فمفهوم الفن إذن هو مجموعة العناصر المادية أو الإنفعالية التي تتلاحم بنسق فريد وانسجام مبدع لتنتج عملاً ترتاح له الروح ويطمئن له القلب والمنعكس في حركة أو مادّة أو انفعال ما .
