التكنوقراطية
هي كلمةٌ ذات أصلٍ يوناني، مكونة من كلمتين، وهما: تكنو، وتعني الفن، وقراطية، وتعني الحُكم، وبالتالي يكون معنى الكلمة الحُكم الفني؛ أي الذي يرتبط بمجموعة من الأشخاص المتخصصين في مجال ما، مثل: الاقتصاديين، والأطباء، والأدباء، وغيرهم، والذين من الممكن أن يواجهوا السياسيين.
مفهوم مصطلح التكنوقراطية يعود إلى أمريكا، والذي تبنّاه عالم الاقتصاد ڤبلن، فوضع أساسات للنظرية التكنوقراطية في الربع الأول من القرن العشرين، وذلك عندما كانت تعاني أمريكا من أزمة الكساد العالمي، لتظهر في عام 1932م حركة التكنوقراطية، والتي اهتمت بالاعتماد على المؤثرات الاجتماعية والاقتصادية بدلاً من الآراء السياسية القديمة، وهذا ما ساهم في ظهور مصطلح التكنوقراطية، والذي اعتمد على دور الاقتصاديين في إبداء آرائهم حول أسلوب الحُكم في أمريكا.
أسّست التكنوقراطية مجموعة من القوانين المستحدثة، والتي اعتمدت على دمج الفكر الاقتصادي، والاجتماعي معاً، وعلى مبدأ أنّ رجال السياسة ليست لديهم القدرة على فهم الأمور الاقتصادية، لذلك عليهم الابتعاد عن اتخاذ أي قرارات اقتصادية، وجعل العلماء والمفكّرين الاقتصاديين يتخذونها عنهم، حتى يتمكّنوا من وضع كل قرار اقتصادي في مكانه الصحيح.
الأدوار التكنوقراطية
هي مجموعة من الأدوار والأساليب التي اعتمدتها التكنوقراطية في إدارة أهم المجالات داخل الدولة، لذلك تعتمد الدول التي تطبق مفهوم الحُكم التكنوقراطي على ثلاثة أدوار رئيسية، وهي:
الدور الاقتصادي
يعد من الأدوار المهمة في التكنوقراطية، وهو الذي تعتمد عليه في دراسة الحالة الاقتصادية للدولة التي تُطبّق النظام التكنوقراطي، ويعد عالم الاقتصاد هاورد سكوت هو الذي ساهم في وضع النظريات الاقتصادية التي يتميز بها هذا الدور، واهتم بدراسة نظرية النُدرة، والتي تبحث في قلة المنتجات، والتي تشهد ارتفاعاً في سعرها عندما تقل نسبة إنتاجها، وينخفض سعرها عندما تزداد نسبة إنتاجها، لذلك حرص سكوت على وضع النظريات البديلة، التي تساهم في تطبيق التكنوقراطية لتنظيم عمليات الإنتاج.
الدور الاجتماعي
يعد الفيلسوف كلود دوروفروا هو الذي ساهم في ربط التكنوقراطية مع علم الاجتماع، عن طريق جعل السلطة مرتبطة بين نظام الحُكم، والمجتمع، فيعتبر الأفراد الذين يعملون في مهن إنتاجية جزءاً من السلطة، لذلك يرى أنه يجب أن تكون سلطة الحُكم بيد المفكرين والعلماء، واعتبر أن مفهوم الإدارة يرتبط بالأمور الفنية للتحكم بوسائل الإنتاج، لتحقيق الأهداف الاجتماعية، مما يساهم في تطوّر الحضارة.
الدور السياسي
هو من الأدوار التي تستخدمها بعض دول العالم في تطبيقها على حكوماتها، ليستنتج مفهوم جديد اعتمد على الفكر التكنوقراطي، وهو الحكومة التكنوقراطية والتعرف بأنها حكومةٌ مبنية على اختيار مجموعة من الأشخاص الأكفاء، والذين لا ينتمون لأي حزب سياسي، ويتم توزيع الحقائب الوزارية على الوزراء بناءً على شهاداتهم، وخبراتهم العلمية، وليس على فكرهم السياسي، فمثلاً: تمنح وزارة الصحة لطبيب، ووزارة العدل لقاضٍ، ووزارة التعليم لمحاضر جامعي، ووزارة الاقتصاد لخبير اقتصادي.